السبت، 15 يناير 2011

ليلة البيبي دول


قبل أن تبدأ الاجازة الصيفية وتزدحم السينمات
ذهبت أمس لمشاهدة فيلم ليلة البيبي دول

كنت سمعت انه أضخم وأكبر انتاج سينمائي مصري
اذا تكلف الفيلم كما يُشاع أكثر من 40 مليون جنيه مصري
وقد اقيم له عرض خاص في مهرجان كان السينمائي الأخير 2008
وكتبت عنه الكثير من الصحف الفرنسية
فقلت لنفسي لابد انه فيلم خطير ويستحق المشاهدة
فبرغم انه يضم أسماء من أكبر والمع نجوم الشاشة العربية
التي اصبحت لا أثق الآن في افلامهم _فأنا أفضل واشجع أفلام وأفكار النجوم الشباب
التي أرى من وجهة نظري انها هي التي حققت طفرة في السينما المصرية واعادت
جمهور السينما لدور العرض _الا اني اعتقدت
ان اجتماع مجموعة كبيرة من نجوم لها ثقلها لابد وان يكون وراءه عمل مميز
الـ 15 دقيقة الاولى من الفيلم كانت تشي بأننا سنشاهد فيلم رائع يقترب
من الافلام العالمية ثم ......
ثم فجأة انفرط العقد
السبب كثرة الاحداث والتفاصيل التي قدمت باسلوب الفلاش باك
فأصبحنا وكأننا نشاهد عدة أفلام داخل فيلم
بالاضافة الى تسطيح الرؤى السياسية و الأفكار الهامة و تقديمها بصورة ساذجة
الفيلم يناقش قضية الارهاب والاسباب المؤدية له و يتطرق الى الصراع العربي الاسرائيلي
و يركز في نهاية الفيلم على أن بوش هو السبب في كل ما يحدث في العالم من ارهاب
هذه الرسالة والاتهام المباشر من وجهة نظري قمة السذاجة
فهذا الكلام يمكن ان يقال على قهوة بلدي او في دردشة على الانترنت
اما في فيلم موجه الى الغرب فهذا غباء
فهل بوش بيتصرف من دماغه ام انه شخص ينفذ سياسة دولة ؟
بوش انتهت تقريبا فترة رئاسته .....فهل ستتغير سياسة امريكا مثلا ؟!
بالتأكيد لأ ...فالقادم أسوأ
نعود لقصة الفيلم
حسام ( محمود عبد العزيز ) مواطن مصري يعيش في امريكا للعلاج من ضعف يحرمه من الانجاب
وفي نفس الوقت يعمل في مجال السياحة
هو انسان مسالم لكنه مصري أصيل لا يقبل اهانة اي شخص لبلده
تعرض لموجات الغضب والكره من الامريكان بعد احداث 11 سبتمبر التي شهدها بنفسه واصيب فيها
يصطحب حسام فوجا سياحيا الى مصر للاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية
قبل سفره يشتري لزوجته سميحة ( سلاف فواخرجي ) هدية عبارة عن قميص نوم
( بيبي دول ) حالما معها بليلة يتمكن فيها من ان
يحقق حلم حياته بانجاب طفل يحمل اسمه
تسافر معه في نفس الفوج سارة ( ليلي علوي ) الامريكية الجنسية يهودية الاصل لتعقد
مؤتمرا يدعو الى السلام العالمي
فيما بعد وعن طريق الفلاش باك سنعرف ان والدة سارة تعرضت لعذاب لا يحتمل على يد
الالمان في مخيمات الاعتقال النازية
مما جعل سارة تنشأ على كره كافة اساليب العنف والاضطهاد الجنسي وتصبح
داعية للسلام و الحب بين الشعوب
ويسافر معها جنرال أمريكي سابق ( جميل راتب ) لكنه تحول بعد تقاعده من حرب العراق
الى اقتصادي ورجل اعمال جاء ليعقد صفقات تجارية مع المصريين
مستغلا رسالة سارة ودعوتها للسلام ...اما هو ففي قرارة نفسه لا يحب العرب
على متن نفس الطائرة يركب المصري الارهابي عوضين ( نور الشريف ) الذي ينوي تفجير
الفندق الذي يقيم فيه الفوج السياحي
و ينعقد فيه مؤتمر السلام و حفل راس السنة و أيضا حفل زفاف مساعد حسام ومندوبه في مصر
رضا ( جمال سليمان ) سائق تاكسي ينتظر قائده الارهابي عوضين في مطار القاهرة
ولكن نظرآآ للتكثيف الامني القوي في المطار لحماية الوفد الامريكي لا يتمكن
عوضين من الركوب مع رضا
فيركب مع سائق آخر بينما يركب حسام مع رضا الذي يكتشف ان سائق التاكسي
ما هو الا صديقه الطالب الثورجي المناضل ايام الجامعة
طول الطريق من مطار القاهرة الى الفندق الذي سيقيم فيه الفوج السياحي
وكل بطل من ابطال الفيلم يتذكر قصة حياته باسلوب الفلاش باك
فنتعرف على قصة عوضين الذي كان يعمل مراسلا صحفيا في العراق
وشاهد بنفسه الحرب واثرها القاسي و المدمر على الشعب العراقي
في بغداد التقى عوضين صدفة في الفندق الذي يقيم به بحبيبته ليلى ( غادة عبد الرازق )
المصورة الصحفية والنشطة السياسية
صاحبة المواقف البطولية التي لم يتمكن من الزواج منها في شبابه بسبب ديانتها اليهودية
رغم انها من اكبر المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني
و هي التي سنراها فيما بعد تموت دفاعا عن اطفال فلسطين تحت عجلات دبابة صهيونية
في العراق يقع عوضين اسيرا ويدخل سجن ابو غريب
وهناك يغتال الضباط رجولته بدون علم رئيس السجن الجنرال ( جميل راتب )
الذي كانت تربطه بعوضين معرفة سطحية ونقاشات سياسية أثناء اقامتهما في نفس الفندق في العراق
و لكن ما ان عرف الجنرال شخصيته حتى ساعده على الخروج من السجن
وعاقب الضباط الذين ارتكبوا الجريمة و تسببوا في عجزه
لكن عوضين صمم على ان يكرس حياته بعد ذلك للانتقام من الامريكان المتسببين في فقدانه رجولته
تتابع احداث الفيلم التي تدور كلها في ليلة واحدة على صورة مفارقات كوميدية ساخرة
فكل َهم حسام في تلك الليلة الحصول على غرفة ليختلي بزوجته ولكن كل الظروف كانت تعاكسه
لدرجة انه لم يحصل على الغرفة الى أن حان موعد سفره لامريكا مرة اخرى

اما شنطة عوضين التي وضع فيها الريموت الذي سيفجر به الفندق فاستبدلت بالخطأ بشنطة حسام
الموجود فيها البيبي دول
وبعد ان وجدها اخيرا اكتشف ان صديقه رضا اخرج البطاريات من الريموت كنترول
لينقذ ابرياء من الموت على رأسهم صديقه حسام وزوجته
فكان عقابه ان قتله عوضين جزاء خيانته
وفي نهاية الفيلم يموت عوضين على يد الشرطة دون ان يحقق هدفه
يصيح الجنرال الامريكي الذي حاول عوضين قتله انتقاما لما حدث له في سجن ابو غريب


بيكرهونا يا سارة
وبيتسائل مين السبب في اللي بيحصل
يكون رد سارة

بوش

القصة الرئيسية اللايت كوميدي البسيطة هي الاطار الذي يدور داخله عدد من القصص الصغيرة
الي تحمل الافكار والرؤى السياسية التي يطرحها الفيلم
حرب العراق والقضية الفلسطينية و الممارسات النازية ضد اليهود
و كلها احداث اتاحت للمخرج ان يفرق للمشاهد بين المقاومة المشروعة والارهاب
وأن يقارن بين مايفعله الاسرائليين في الشعب الفلسطيني وما فعله النازيين في اليهود
و ان ينبه المشاهد العربي الى الفرق بين الصهيونية واليهودية
تزاحمت الأحداث والأفكار لكنها كلها طرحت بطريقة سطحية و ساذجة
أجمل ما في الفيلم الموسيقى التصويرية لياسر عبد الرحمن
ولقطات وقوع مبنى التجارة العالمي وهي لقطات حقيقية دمجت مع الفيلم بطريقة جيدة جدآآ
واعتقد ان الدمج والخدع كان من تنفيذ مختصين فرنسيين
اما التصوير ونقلات الكاميرا فكانت مميزة
أفضل الممثلين أداء محمود عبد العزيز وله الفضل في تحملنا للفيلم لمدة ساعتين ونصف
معظم الاسماء الكبيرة في الفيلم لم تترك أي أثر يذكر

ومنهم محمود حميدة في دور ضابط الشرطة ....كان دوره أقل ما يقال انه عادي

ليلة البيبي دول من أسوأ ادوار ليلى علوى

ولا يمثل أي اضافة لنور الشريف
اما باقي الشخصيات كانت باهتة و كانوا اشبه بالكومبارس وجودهم كان مجرد تسجيل حضور
في عمل اعتقدوا انه سيكون علامة في السينما المصرية
وربما وجودهم كان مجاملة للمنتج والمخرج من العائلة الاديبية

الذين نفذوا الفيلم بناء على وصية والدهم الكاتب الشهير عبد الحي اديب كاتب سيناريو الفيلم .
كل ما اتمناه ان تغطي ايرادات الفيلم مصروفاته ..فقد كانت النوايا حسنة
ولكن الافلام لا تنجح فقط بضخامة الانتاج


عمارة يعقوبيان


عمارة يعقوبيان التي كتبها الدكتور علاء الاسواني من الروايات القليلة التي لم تفقد الكثير من خصائصها وجمالها ولم تصدم خيال القارىء عندما ترجمت الي عمل سينمائي و في رأي ان السبب في هذا يعود الى أن الرواية كُتبت اساسا باسلوب أقرب الى الاسلوب ا لسينمائي منه الى العمل الادبي الروائي الذي يعتمد على والصف الادبي والالفاظ الجذلة والجمل الانشائية الطويلة التي اعتدنا عليها في أغلب الروايات و أظن أن هذا هو ما عجل من تحويلها الي السينما فهي لم تكن تحتاج الى كثير من الجهد لترجمتها الى عمل سينمائي . وأعتقد ان نفس هذا السبب هو سر نجاح الرواية جماهيريا بصورة كبيرة فالكاتب لم يخوض في في تفاصيل أدبية كثيرة ولم يستعرض قدراته اللغوية وأساليبه الانشائية وانما كان ينتقل بسرعة من مشهد لمشهد ومن حدث لحدث ومن شخصية لاخرى مركزا على أهم الاحداث بلغة بسيطة سهلة هي مزيج ما بين الفصحى والعامية ولكن دون أن يغفل رسم الشخصيات بدقة ويوضح دوافعها النفسية و الاجتماعية .فقارىء اليوم الذي لم يعد لديه الكثير من الوقت ليمنحه للقراءة و اعتاد على الرتم السريع في حياته أصبح يمل من الخوض في تفاصيل لا تؤثر على سير الاحداث . تناول د. علاء الاسواني موضوع الجنس بجرأة وكثرة في الرواية وقد أسهم تصويره للحياة السرية لابطاله في اضفاء مزيدا من الواقعية للقصة و هذا أيضا أحد عوامل نجاح الرواية على المستوى الجماهيري والتجاري . أما ما أعطى الرواية الثقل الحقيقي فهو تناولها للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتحولات التي طرأت على مصر خلال الثلاثين سنة الماضية وتصوير حالة الفساد والانحلال والانحطاط التي غزت كل مناحي الحياة المصرية فحولت الجمال قبحا .. والخير شرا . وقد برع الكاتب في خلق اسقاطات على بعض الشخصيات السياسية الواقعية فكانت هذه التوليفة هي التوابل التي كتبت النجاح الساحق للرواية. اما الفيلم فقد اختلفت عليه الاراء وتباينت كثيرا وفي رأى ان هذا نوع آخر من أنواع النجاح المخرج رضوان حامد نجح في تحويل الرواية رغم جرأتها الى صور درامية هي نسخة قريبة جدا من صفحات الرواية الأصلية دون أن يخدش حياء المشاهد او ينزل بها الى هوة الاسفاف و الاتجار بالفن . بينما فشل والده السيناريست وحيد حامد رغم حرفيته في نقطة هامة هي توضيح الرابط أو ايجاد علاقة ولو بسيطة بين سكان العمارة في بداية الفيلم مما أدى الى تشتيت ذهن المشاهد الذي لم يقرأ القصة لان الشخصيات لم تظهر وكأنها سكان عمارة واحدة . فاذا تغاضينا عن هذه السقطة نستطيع أن نقول أن السيناريو جيد . احتوى الفيلم على عدد كبير من المشاهد القوية والمؤثرة التي لا تنسى برع في اداءها ممثلين جدد أبهرونا بقوة أداءهم . منهم محمد عادل امام الذي أدى دور طه الشاذلي ابن بواب عمارة يعقوبيان و الذي حولته الظروف الي ارهابي متطرف ليؤكد الكاتب هنا على أن الارهاب هو صنيعة المجتمع و مسؤوليته وليحذر من مغبة التفرقة بين طبقات المجتمع وما قد تجبه هذه التفرقة من ويلات . والحقيقة اني لم أكن أعلم أثناء مشاهدتي الفيلم ان من يؤدي شخصية طه الشاذلي هو ابن عادل الامام وبعد أن عرفت اندهشت وتأكدت ان ابن الوز صحيح عوام . أما خالد الصاوي فقد أدى دور الشاذ حاتم رشيد ببراعة وحرفية نادرة دون أن يسقط في هوة الاسفاف والابتذال التي اعتدنا عليهمافي مثل هذه الادوار بل أعتقد أن البعض تعاطف مع الشخصية الى حد ما لانه كان ضحية ظروف لا يد له فيها والمشاهد لا يمكن أن ينسى المشهد الذي يحاول أن يقنع فيه حاتم رشيد عشيقه العسكري الصعيدي الذي أدى قام بدوره الفنان باسم السمرة باقتدار شديد بأن علاقتهما المثلية ليست حرام فالعسكري عبد ربه يبكي ويقول ان عرش السماء يهتز لفعلتهما فيرد عليه حاتم رشيد ان الحرمانية تكون نتيجة انجاب اولاد غير شرعيين وهما لن ينجبا وعلى هذا فان ما يفعلانه ليس حرام بينما الزنا كما جاء على لسانه : حرام جدا جدا جدا هنا تضج قاعة العرض بالضحك لمنطق حاتم رشيد الذي يعرف انه يخدع عشيقه فهو انسان ذكي مثقف ثقافة واسعة فهو رئيس تحرير جريدة ناجح ومنضبط في عمله الكل يخشاه رغم انهم يعلمون بشذوذه ... فكيف لهذا الانسان أن لا يعرف الحلال من الحرام ؟!! انه منطق الشيطان حين يحاول اغواء ضحيته . هند صبري مثلت دورا من أهم أدوارها على الشاشة الفضية فقد اجادت في تجسيد دور الفتاة المصرية الفقيرة والطموحة شدة حاجتها وحاجة اسرتها للمال تجعلها تفعل تقريبا أى شىء من أجل الحصول على حفنة جنيهات خاصة بعد ان انهت علاقتها مع حبيبها طه الشاذلي بعد أن وصلت العلاقة بينهما لطريق مسدود فعلى حد تعبيرها طه الشاذلي ( ماشي في طريق مشيخة ...وهي بتلبس عريان ومعرية شعرها ورافضة الحجاب ) . فرقتهما الظروف والحاجة والفقر اما الدين فهو برىء من التفريق بينهما كما تدعي . نستطيع أن نقول أن الكل أجاد في دوره عادل امام ، نور الشريف ، أحمد راتب ، أحمد بدير ، سمية خشاب واسعاد يونس والرائع المحترف خالد صالح اما يسرا فلم يكن لها محل من الاعراب لكن نقول ايه ؟ المخرج عاوز كدا عمارة يعقوبيان فيلم يستحق أن تشاهده فهو يعري المجتمع الفاسد المنحل الذي يحاول أن يرتدي ثوب الفضيلة والدين .